نطاق الصلح الزجري في قانون المسطرة الجنائية المغربي

 

الملخص:

 

الصلح الزجري في قانون المسطرة الجنائية المغربي يشكل إحدى الآليات البديلة لحل النزاعات الزجرية ذات الطابع البسيط، حيث يقوم على تسوية النزاع الجنائي بطريقة ودية تحت إشراف النيابة العامة والقضاء، مما يخفف العبء عن المحاكم ويساهم في تحقيق العدالة الناجزة وحماية المصالح الاجتماعية للأطراف.

وتطبق هذه المسطرة على الجرائم التي لا تتجاوز عقوبتها سنتين حبسا أو غرامة لا تتعدى خمسة آلاف درهم، شريطة أن لا تمس هذه الجرائم بالنظام العام أو تشكل خطورة على المجتمع، إذ غالبا ما ترتبط بمخالفات أو جنح بسيطة ذات ضرر محدود يقتصر على الأطراف المتنازعة أو في حالة غياب المشتكي.

ويتخذ الصلح الزجري صورتين أساسيتين، الأولى تتمثل في الصلح الاتفاقي الذي يبادر به الأطراف سواء المتضرر أو المشتكى به، ويعرض على وكيل الملك قبل تحريك الدعوى العمومية، حيث يحرر محضر بذلك يحال على رئيس المحكمة للتصديق عليه فيصدر أمر قضائي غير قابل للطعن.

أما الصورة الثانية فهي تلك التي يقترحها وكيل الملك في حالة غياب المشتكي أو تنازله، حيث يمكنه أن يقترح على المشتكى به أداء نصف الحد الأقصى للغرامة أو القيام بإصلاح الضرر الناتج، ويحرر محضر بهذا الصلح يحال بدوره على القضاء للتصديق.

آثار الصلح الزجري تتمثل أساسا في وقف سير الدعوى العمومية وسقوط الحق في المتابعة، غير أن هذا الأثر يبقى معلقا على شرط تنفيذ المشتكى به لالتزاماته كاملة، إذ يمكن للنيابة العامة إعادة فتح المتابعة في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح أو الإخلال بتنفيذ الالتزامات داخل الأجل المحدد أو ظهور عناصر جديدة تستوجب تحريك الدعوى، ما لم تكن قد سقطت بالتقادم.

تتجلى أهمية هذه المسطرة في كونها تسهم في التخفيف من عدد القضايا المعروضة على المحاكم، وتحقيق سرعة البت في النزاعات، كما تمكن الدولة من تحصيل مبالغ مالية مهمة عبر الغرامات عوض اللجوء إلى العقوبات السجنية وما تسببه من أعباء. كما أن اللجوء إلى الصلح يحمي السجل العدلي للمشتكى به من آثار الإدانة الجنائية، مما يعزز إمكانية إدماجه الاجتماعي والمهني.

وقد عرف نطاق الصلح الزجري تطورات تشريعية مهمة، حيث تم اقتراح توسيعه ليشمل الجرائم المعاقب عليها بغرامة تصل إلى مائة ألف درهم أو المقررة بإحدى العقوبتين، مع إدماج آليات جديدة كالوساطة عبر المحامين أو الوسطاء أو مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحاكم، وذلك من أجل جعل هذه المسطرة أكثر نجاعة وملاءمة للتحولات المجتمعية.

        منشور على صفحات العدد التاسع والثلاثون يناير 2025   من مجلة قراءات علمية في الأبحاث والدراسات القانونية والاقتصادية والعلوم الانسانية والشرعية 20/01/2025.