العقوبات البديلة في القانون الجنائي المغربي: دراسة تحليلية في ضوء الشريعة الإسلامية والتجارب المقارنة
الملخص:
يتناول البحث موضوع العقوبات البديلة في القانون الجنائي المغربي باعتبارها تحولا نوعيا في السياسة الجنائية الحديثة، حيث جاء القانون رقم 43.22 ليقر مجموعة من البدائل عن العقوبة السجنية، مثل العمل من أجل المنفعة العامة، الغرامة اليومية، المراقبة الإلكترونية، والتدابير العلاجية.
وينطلق النص من إبراز محدودية العقوبات السالبة للحرية في تحقيق الردع والإدماج، وما تسببه من اكتظاظ السجون وارتفاع نسب العود، مقابل الدور الإصلاحي والتأهيلي للعقوبات البديلة. كما يبرز تأصيل هذه البدائل في الشريعة الإسلامية من خلال نظام التعزير الذي يمنح القاضي سلطة تقديرية لاختيار ما يحقق مصلحة المجتمع والجاني، باعتبار أن السجن لم يكن أصلا في النظام العقابي الإسلامي.
على المستوى المقارن، استعرضت الدراسة التجربتين الفرنسية والأمريكية؛ حيث اعتمدت فرنسا منذ الثمانينيات بدائل كخدمة المنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية والغرامة اليومية، فيما طورت الولايات المتحدة نظام "العقوبات المجتمعية" وبرامج العلاج الإلزامي خصوصا في قضايا الإدمان.
أما في المغرب، فإن إدراج العقوبات البديلة جاء استجابة لتوصيات حقوقية ومجتمعية، مع تقييد تطبيقها بالجنح التي لا تتجاوز عقوبتها الأصلية خمس سنوات، وبشرط موافقة المحكوم عليه وخضوعه لإشراف قضائي.
ورغم أهمية هذه الإصلاحات، يواجه تطبيقها عدة إكراهات عملية، منها ضعف الموارد البشرية والتقنية، النظرة السلبية للمجتمع، وضعف التنسيق المؤسساتي. ويخلص البحث إلى أن نجاح العقوبات البديلة رهين بتبني مقاربة شمولية تشاركية، توفر ضمانات قانونية وتقنية، وتشرك المجتمع المدني، قصد تحقيق عدالة جنائية أكثر إنسانية وفعالية.
منشور على صفحات العدد 43 من مجلة أطلنتس، يوليوز 2025.