الطبيعة القانونية والنظرية للقتل الرحيم
الملخص :
يتناول المقال إشكالية القتل الرحيم باعتباره موضوعا مثيرا للجدل بين الفقه والقانون والديانات. فمن جهة، ترى بعض الأنظمة والاتجاهات الفكرية أنه حق للإنسان في اختيار موته والتخلص من معاناته، ومن جهة أخرى، يرفضه تيار واسع باعتباره اعتداء على الحق في الحياة الذي لا يجوز المساس به.
على المستوى النظري، يعرض المقال التعريفات والمفاهيم المرتبطة بالقتل الرحيم، مبينا أن جوهره هو إنهاء حياة مريض ميؤوس من شفائه تخفيفا لمعاناته، سواء بطلب صريح أو ضمني منه. وقد عرف المفهوم جذورا فلسفية ودينية، كما أثار نقاشا فقهيا بين مؤيدين يعتبرون الحق في الموت مكملا للحق في الحياة، وبين معارضين يرون أن إرادة المريض معيبة وأن تشخيص الأطباء قابل للخطأ، فضلا عن خطر استغلال الظروف الاقتصادية والاجتماعية لتبرير هذا القتل.
أما على المستوى القانوني، فقد تباينت التشريعات:
بعض الدول الغربية كـهولندا وبلجيكا أقرت القتل الرحيم بقوانين خاصة، فيما اعتمدت بريطانيا تنظيمات مقيدة له.
في المقابل، أبقت تشريعات عربية عدة مثل مصر والكويت والإمارات والسودان وسوريا على تجريمه، مع إقرار بعضها بتخفيف العقوبة إذا كان الدافع شريفا أو نابعا من الشفقة.
في المغرب، فإن القتل الرحيم لا يجد له أي سند قانوني، بل يعتبر جريمة قتل عمد معاقب عليها وفق الفصل 392 من القانون الجنائي، انسجاما مع الدستور الذي كرس الحق في الحياة كحق أساسي مصون لا يجوز المساس به.
ويتضح أن القتل الرحيم يظل محل تجاذب بين الاعتبارات الإنسانية والحقوقية من جهة، والالتزامات الدينية والقانونية من جهة أخرى. لكنه يرتبط في جميع الأحوال بمبدأ أسمى هو الحق في الحياة، الذي يعد حجر الزاوية في حماية الكرامة الإنسانية وضمان استقرار المجتمع.
- منشور على صفحات العدد الرابع عشر شهر يونيو 2024 من ابن زهر بتاريخ 10/10/2022.