المنازعات الأسرية في القانون الجنائي المغربي؛ جرائم الأسرة نموذجا
الملخص:
أضحت الوسائل البديلة لحل النزاعات إحدى ركائز السياسة الجنائية الحديثة، حيث تسعى الأنظمة الجنائية المعاصرة إلى تجاوز المقاربة الزجرية التقليدية، وذلك عبر الانفتاح على آليات بديلة تحقق النجاعة والسرعة والاقتصاد في التدبير، وتمنح أطراف النزاع إمكانية معالجة خلافاتهم بشكل تصالحي يضمن التوازن بين المصلحة العامة وحقوق الأفراد.
وقد برز هذا التوجه بشكل خاص من خلال تكريس العدالة التصالحية، التي صارت معيارا لقياس تطور ومرونة المنظومات الجنائية، سواء في العائلة اللاتينية أو الجرمانية أو الأنجلوساكسونية.
وانسجاما مع هذه التوجهات، انخرط التشريع الجنائي المغربي في تبني بعض مظاهر العدالة التصالحية، خصوصا في ميدان النزاعات الأسرية، حيث أتاح للنيابة العامة والقضاء تفعيل بدائل عن العقوبة التقليدية، بما يعزز استقرار الأسرة ويحافظ على الروابط الاجتماعية.
وتعد جرائم إهمال الأسرة من أبرز المجالات التي برز فيها هذا التوجه، من خلال إقرار صيغ للصلح والتسوية تسمح بتجاوز منطق العقاب الصرف إلى منطق إصلاحي يقوم على التفاهم وإعادة إدماج المسؤول في محيطه الأسري.
وبذلك يمكن القول إن العدالة التصالحية في المجال الأسري أضحت آلية وظيفية موازية للعقوبة الجنائية، تقوم على التدابير البديلة من جهة، والبدائل التصالحية من جهة أخرى، في أفق تكريس عدالة أكثر إنسانية وواقعية، تستجيب لخصوصية الروابط الأسرية ومتطلبات السياسة الجنائية الحديثة.
منشور على صفحات العدد 95 من مجلة منازعات الأعمال الدولية، يوليوز 2025.